.. ولدت ماري كوري في فرصوفيا, عاصمة بولونيا سنة 1867. كانت من عائلة فقيرة. فأبوها فلاديسلاف سكلودوفسكي عالم فيزياء. توفيت أمها بداء السل حينما كانت ماري صغيره, و اصيبت أختها بداء التيفوس و توفيت بعد الأم. اظهرت ماري, منذ طفولتها, تفوقا لفت اليها أنظار مدرسيها. و كانوا يسجلون ملاحظات تؤكد ذكاءها و قوة ذاكرتها. و قد فازت بالشهادة الثانوية و هي في السادسة عشرة من عمرها و نالت وساما تقديريا من الذهب. دخلت ماري جامعة السوربون في سنه1891. و كانت دائما في المعقد الاول خلال حصة الفيزياء. كانت متعطشة للعلم, و تعيش في غرفة حقيرة, تدرس على نور مصباح الغاز, و لا تجد لديها المال, و لا الوقت لتؤمن التدفئه, أو تشتري قطعه لحم تتغذي بها, بل كانت تكتفي من الطعام بقطعة خبز و قليل من الزبدة, حتي أصيب من جراء هذا الاهمال, بسوء التغذية و فقر الدم. خاطبها أستاذ الفيزياء بيار كوري و كان ذكيا جدا. فقد كان في التاسعة عشرة من عمره حين أصبح أستاذا في كليه العلوم, ثم عين رئيس فرع الفيزياء و الكيمياء في الكلية. فتزوّج بها و بدأت حياة الزوجين في شقة متواضعة, أقاما فيها, و انطلقا في ميدان العلوم و الأبحاث. و لم تكن حياتها سهلة, اذ كان عليها ان تقوم بدور الزوجة, ربة البيت و العالمة. إنما تعاون الزوجين كان يخفف كل ثقل. توفقت ماري, خلال أبحاثها, عندما توصل اليه العالم هنري بيكيريل, تمكن من فحص ذريرات معدن نادر هوالأوران, يبث اشعاعا غامضا يعرف بالاشعاع الأوراني. و توصل هذا العالم الى كشف الظاهرة التي أطلقت عليها ماري, فيما بعد اسم«راديو ـ أكتيفيتي». و في سنة 1898 نشرت ماري دراستها الشهيرة عن مادة معدنية تشبه الزفت, و تحوي جسما غريبا و جديدا يرسل اشعاعات حيوية. و قد تمكنت من عزل هذه المادة عن غيرها. و سمّت العنصر الاول: بولونيوم و العنصر الثاني: راديوم. و لما شعر بيار بأنها تحتاج الى مساعدته, انضم اليها و ساعدها في أبحاثها. و لما اكتشف الزوجان الراديوم و تناقشت ماري أبحاثها العلميه و دافعت عن نظرياتها أعطتها لجنة العلماء دكتوراه في علم الفيزياء, مع رتبة شرف رفيعة... و اعلنت أكاديمية العلوم السويدية سنة 1903 منحها جائزة نوبل للفيزياء للزوجين و العالم بيكيريل. و لم تلبث أنها فقدت ركنها بيار إثر حادثة. لكنها بدأت محاضراتها بعد قليل من النقطة التي توقف عندها بيار, و كأنها تذكرت وصيته:«يا ماري, إذا حدث لأحدنا مكروه, فعلي الآخر ان يتابع الطريق و يستمر في العمل.» و في تلك اللحظة كرست نفسها لتحمل المسؤولية الكبري. فترأست دائرة الفيزياء, و كانت أول امرأة تشتغل هذا المركز. في سنة 1911 منحت السيدة كوري جائزة نوبل في الكيمياء من أكاديمية العلوم في استوكهولم, و ذلك تقديرا لأنجازاتها العلمية المنفردة بعد وفاة زوجها. و جدير بالذكر, ان ابنتها إيرين نالت الجائزة ذاتها, و ذلك بعد انقضاء اربع و عشرين سنة على ذلك التاريخ. و مع حلول الحرب العالمية الأولي, انتهي بناء معهد الراديوم الذي أسسته و أشرفت على تنفيذه و أسست كذلك سنة 1925 معهدا لابحاث الراديوم في بولونيا. و بعد عام انتخب رئيسة لجنة التعاون الفكري في جنيف. ترسم ابنتها في كتابها صورة المشهد الذي يتكرر يوميا: ماري ساهرة حتي الثانية أو الثالثة صباحا. تجلس فوق الأرض. تحيط بها الأوراق, و هي تقوم بعد الارقام باللغة البولونية. و بعد فترة أصابت عينيها بالمياه الزرقاء, الى ان لجأت الى الوسائل التي يستخدمها المكفوفون, و أجريت لها أربع عمليات, فاستعادت بصرها. و رغم اعتراض طبيبها انكبت تكتب بنهم و تدوين كل ما يجب تدوينه. لكنّها قضت ضحية الأشعة التي اكتشفتها حسب اقوال البروفسور ريغو الذي أشرف على علاجها, فإن فقر الدم الذي أصابها لم يكن عاديا, بل من تأثير مادة اليورانيوم. و في الرابع من شهر تموز سنة 1934 توفيت ماري كوري العالمة الكبيرة. «انها الوحيده بين المشاهير الذين لم تفسدهم الشهرة». و هذه الشهادة للعالم أينشتاين, سجلها في معرض كلامه على زميلة سبقته فوق دروب المعرفة و البحث العلمي. و من بعض التقدير و الجوائز التي نالتها: * 1893 درجة أستاذ علوم مرتبة أولي. * 1903 دكتوراه علوم درجة شرف ممتاز. * 1903 جائزة نوبل للفيزياء. * 1904 أول إمرأة مديرة لأبحاث الفيزياء في السوربون. * 1911 جائزة نوبل في الكيمياء ـ أول أستاذه في كلية الطب ـ منحة الحكومة الفرنسية: أربعون ألف فرانك سنوياً. * 1926 انتخبت رئيسة لجنة التعاون الفكري في جنيف. * 1926 أول مديرة للأبحاث الفيزيائية في السوربون ـ ميدالية ذهبية من أنكلترا. تحياااتي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق