حمار واحد لـ 4 آلاف نسمة!.. أين العدل؟
كتب الصحفي البارع جعفر عباس:
يواجه سكان قريتين في اليمن خطر المجاعة بعد وفاة حمار !.. نعم فقد كان الحمار هو همزة الوصل بين اربعة آلاف نسمة في تلكما القريتين والعالم الخارجي ، فهو الذي كان يحمل سلعهم الى الاسواق ويعود اليهم محملا بالضروريات ، ولكنه مات ، فتقطعت السبل بالآلاف وصاروا في حيرة من أمرهم.
ولحُسن الحظ فانه لم تحدث ملاسنات واتهامات متبادلة بين الحكومة و المعارضة حول مصرع الحمار ، وعلى كل حال فأهل القريتين لا يعرفون ما إذا كان من يحكم اليمن هو يحيى حميد الدين أو عبد الرحمن البيضاني! ومن فضل الله على القرويين في العالم العربي أنهم لا يعرفون أسماء حكامهم ، ولا يعنيهم في كثير أو قليل ان كان في الحكم زيد أو عبيد!.
في عز سطوة الرئيس السوداني الأسبق جعفر نميري زرت مدينة الفاشر عاصمة إقليم دارفور، ومررت بقرية صغيرة مع محافظ الاقليم الذي كان يهدف الى اقناع اهل القرية بضرورة الاشتراك في مشروع زراعي يوفر لهم رياً منتظماً لمزارعهم الصغيرة ولكنهم – وبسبب سوء الظن الوراثي بالحكومة – رفضوا الفكرة وقال كبيرهم : إمشي قول للرئيس عبود لاحاجة بنا لمشاريعك، وكان عبود هذا قد أزيح من الحكم قبل ذلك بنحو 15 سنة!
نعود الى القريتين اليمنيتين المنكوبتين وأقول انه ليس من السهل على سكانها العثور على حمار بديل! كيف؟
الحمار وبرغم غبائه المزعوم حيوان قابل للبرمجة، فاذا دربته على السير في طريق معين جيئة وذهابا فإنه يلتزم بذلك الطريق دون حاجة الى رفقة آدمي.. وحكى لي ضابط سعودي كيف ان مهربي القات عبر حدود البلاد الجنوبية يعتمدون على الحمير المبرمجة تلك في عمليات التهريب ،.. بمعنى ان المهرب يجتاز بحماره طريقا معينا عدة مرات حتى يتأكد من ان الحمار حفظ معالم الطريق ، وبعدها يحمّله بالقات ويتركه يجتاز الحدود بمفرده، فإذا وقع في قبضة رجال الأمن صودر القات ونجا المهرب من العقوبة ، أما إذا أفلت من حرس الحدود وواصل طريقه الى نقطة النهاية فإن المهرب يكون قد نجح في توصيل بضاعته الى حيث يشاء، ويعطي الحمار إجازة يومين مدفوعة الأجر قبل أن يعيده عبر الحدود مرة أخرى.
والمعروف ان السلطات الأمريكية تعاني من تسلل المهاجرين غير القانونيين و تهريب السلع الى أراضيها عبر المكسيك .
وفي نقطة حدودية كان مكسيكي يدخل بلاده يوميا قادماً من الأراضي الأمريكية على متن دراجة يحمل عليها كيسا من الرمل ورغم إخضاعه للتفتيش مرارا إلا أنهم لم يجدوا في أكياس الرمل ما يثير الريبة، ثم توقف الرجل عن عبور الحدود بدراجته وذات يوم التقى به شرطي أمريكي كثيرا ما التقى به على الحدود وسأله : لماذا كنت تدخل المكسيك حاملا رملا عاديا عديم القيمة على دراجتك ؟ فأجابه المكسيكي : كنت أقوم بتهريب الدراجات و انشغلتم أنتم بالرمل!.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق