الجمعة، 16 أبريل 2010

هذا الحب العربي ...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مساء الحب والود والخير عليكم جميعا



و ماذا لو كان الحبّ العربيّ الابن الشرعيّ للخوف؟


أوّل خوف هو خوفنا من الحبّ نفسه. نتبرّأ من الحبّ كما لو كان شبهة و انتماءً لحزب محظور.
نتستّر على عواطفنا بينما يباهي كبار اللصوص بثرواتهم المسروقة من جيوبنا، و لا يستحي القتلة و مغتصبي الأوطان من العيش محترمين بيننا.


نخفي اسم من نحبّ بحذر من يتستّر على اسم فدائي، أو مطلوب للعدالة. ذلك أن الحبّ العربيّ سيظلّ بالنسبة للكثيرين مجازفة بالحياة و بالمستقبل و بالشرف، و ضرب من العمليات الانتحارية.
لذا ما زال سؤال نزار جديراً بالتأمّل "كيف يمكننا تأسيس حضارة و نحن نستعمل المسدسات الكاتمة للحبّ؟"


لكن مأساتنا مع الحبّ لا تنتهي عند أعدائه، بل تمتدّ إلى أتباعه. فالمحبّون هم أيضاً أعداء أنفسهم، و أعداء من يحبّون. و لذا كما يقول إبراهيم الكوني "الذين هلكوا بأيدي الأخلّاء أضعاف من هلكوا بأيدي الأعداء"!


ذلك أن دوائر الخوف تطوّق العاشق العربيّ إلى ما لا نهاية. فنحن نخاف من نحبّ، و نخاف عليه، و نخاف منه علينا. لكننا نحبّه لأنّنا نخاف العنوسة و الشيخوخة و الوحدة و المجهول، و المرض و الضجر و الموت. موتنا الحتميّ. و موتنا لفرط موت الحبّ. و نخاف على حبّنا من الآخرين. و نخاف من الزمان على الحبّ. و نخاف الحبّ في كلّ زمان و في كلّ الحالات، حتى و نحن في ذروة سعادتنا. و نذهب إليه على طريقة عبد الحليم مرعوبين لفرط فرحتنا. ممسكين بيدٍ يدَ الحبيب و بالأخرى قلبنا. "خايف و مشيت و أنا خايف..إيدي في إيدك و أنا خايف.. خايف على فرحة قلبي...".
و الخوف في عزّ السعادة من السعادة، حالة لعمري عربيّة ننفرد بها حصريًّا بين الأمم، بحكم ثقافة الخوف التي رضعناها، و التي تحوّل حتى مباهجنا إلى مناسبة لتوجّس الكوارث و إيقاظ المخاوف، بهدر اللحظات النادرة للسعادة بالتفكير في المصائب التي قد تليها.


و لأنّ من يتوجس المصائب يكاد يقلق لعدم حدوثها، غالباً ما تحقّق لنا الحياة نبوءاتنا الكارثيّة.
و عندها تصدق كلّ أغاني الحبّ العربيّة التي تبارك الخيبات. ونبكي حظّنا و عبد الحليم يواصل موّاله "رميت الورد طفيت الشمع يا حبيبي/ و الغنوة الحلوة ملاها الدمع يا حبيبي/ و في عزّ الكلام سكت الكلام/ و اتريني ماسك الهوا بإيديّ...."!


لا أدري لماذا تتردّد كثيراً هذه الأيام أغنية "زيّ الهوا" على معظم الإذاعات.


كلّما وقعت عليها غيّرت الموجة، حتى لا ينتهي بي الأمر إلى تصديق أنّ الخيبة قدر عاطفيّ. و الخوف من السعادة نبوءة صادقة.


بلى.. ثمّة عشّاق لا يعرفون الخوف من السعادة. هؤلاء، قبل أن يحبّوا الحبّ هم يحبون الحياة.. بقدر ما نحن نخافها!



ودمتم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أرشيف المدونة الإلكترونية