بسم الله الرحمن الرحيم
ماشطة ابنة فرعون.
مر الرسول صلى الله عليه وسلم برائحة طيبة فقال: ما هذه الرائحة ياجبريل ؟ قال: هذه رائحة ماشطة وأولادها , قال: وما شأنها ؟ قال: بينما هي تمشط ابنة فرعون إذ سقطت المدري من يديها , فقالت : باسم الله . قالت لها بنت فرعون: أبي ؟ قالت: لا ولكن ربي وربك ورب أبيك . قالت : أو لك رب غير أبي ؟ قالت: نعم, ربي وربك ورب ابيك الله. قالت: أقول له إذا ؟ قالت: قولي له. فدعاها (فرعون) فقال لها: يا فلانة, أو لك رب غيري ؟ قالت: نعم. ربي وربك الله عز وجل الذي في السماء, فأمر ببقرة من نحاس فأحميت ، ثم امر بها لتلقى هي وأولادها فيها, فقالت: إن لي إليك حاجة, قال: وما هي؟ قالت: أن تجمع عظامي وعظام ولدي في ثوب واحد وتدفننا. قال: ذلك لك علينا لما لك علينا من حق . فأمر بأولادها فألقوا في البقرة بين يديها واحدا واحدا, إلى أن انتهى ذلك إلى صبي لها مرضع وكأنها تقاعست من أجله, فقال (الصبي) : يا أمه , قعي ولا تقعسي , اصبري فإنك على الحق, اقتحمي فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الاخرة, ثم ألقيت مع ولدها . فكان هذا من الأربعة الذين تكلموا وهم صبيان. من حديث (الإسراء والمعراج) انظر كتاب صحيح السيرة النبوية المسماة السيرة الذهبية المجلد الثاني للشيخ محمد طرهوني.
(لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ)(آل عمران:186)
من هي ؟
صالحة كانت تعيش هي وزوجها .. في ظل ملك فرعون .. زوجها مقرب من فرعون .. وهي خادمة ومربية لبنات فرعون ..
فمن الله عليهما بالإيمان .. فلم يلبث زوجها أن علم فرعون بإيمانه فقتله ..فلم تزل الزوجة تعمل في بيت فرعون تمشط بنات فرعون .. وتنفق على أولادها الخمسة .. تطعمهم كما تطعم الطير أفراخها..
فبينما هي تمشط ابنة فرعون يوماً .. إذ وقع المشط من يدها ..
فقالت : بسم الله .. فقالت ابنة فرعون : الله .. أبي ؟
فصاحت الماشطة بابنة فرعون : كلا .. بل الله .. ربي .. وربُّك .. وربُّ أبيك .. فتعجبت البنت أن يُعبد غير أبيها ..
ثم أخبرت أباها بذلك .. فعجب أن يوجد في قصره من يعبد غيره ..
فدعا بها .. وقال لها : من ربك ؟ قالت : ربي وربك الله ..
فأمرها بالرجوع عن دينها .. وحبسها .. وضربها .. فلم ترجع عن دينها .. فأمر فرعون بقدر من نحاس فملئت بالزيت .. ثم أحمي .. حتى غلا ..
وأوقفها أمام القدر .. فلما رأت العذاب .. أيقنت أنما هي نفس واحدة تخرج وتلقى الله تعالى .. فعلم فرعون أن أحب الناس أولادها الخمسة .. الأيتام الذين تكدح لهم .. وتطعمهم .. فأراد أن يزيد في عذابها فأحضر الأطفال الخمسة .. تدور أعينهم .. ولا يدرون إلى أين يساقون ..
فلما رأوا أمهم تعلقوا بها يبكون .. فانكبت عليهم تقبلهم وتشمهم وتبكي .. وأخذت أصغرهم وضمته إلى صدرها .. وألقمته ثديها ..
فلما رأى فرعون هذا المنظر ..أمر بأكبرهم .. فجره الجنود ودفعوه إلى الزيت المغلي .. والغلام يصيح بأمه ويستغيث .. ويسترحم الجنود .. ويتوسل إلى فرعون .. ويحاول الفكاك والهرب ..
وينادي إخوته الصغار .. ويضرب الجنود بيديه الصغيرتين .. وهم يصفعونه ويدفعونه .. وأمه تنظر إليه .. وتودّعه ..
فما هي إلا لحظات .. حتى ألقي الصغير في الزيت .. والأم تبكي وتنظر .. وإخوته يغطون أعينهم بأيديهم الصغيرة .. حتى إذا ذاب لحمه من على جسمه النحيل .. وطفحت عظامه بيضاء فوق الزيت .. نظر إليها فرعون وأمرها بالكفر بالله .. فأبت عليه ذلك .. فغضب فرعون .. وأمر بولدها الثاني .. فسحب من عند أمه وهو يبكي ويستغيث .. فما هي إلا لحظات حتى ألقي في الزيت .. وهي تنظر إليه .. حتى طفحت عظامه بيضاء واختلطت بعظام أخيه .. والأم ثابتة على دينها .. موقنة بلقاء ربها ..
ثم أمر فرعون بالولد الثالث فسحب وقرب إلى القدر المغلي ثم حمل وغيب في الزيت .. وفعل به ما فعل بأخويه ..
والأم ثابتة على دينها .. فأمر فرعون أن يطرح الرابع في الزيت ..
فأقبل الجنود إليه .. وكان صغيراً قد تعلق بثوب أمه .. فلما جذبه الجنود .. بكى وانطرح على قدمي أمه .. ودموعه تجري على رجليها .. وهي تحاول أن تحمله مع أخيه .. تحاول أن تودعه وتقبله وتشمه قبل أن يفارقها .. فحالوا بينه وبينها .. وحملوه من يديه الصغيرتين .. وهو يبكي ويستغيث .. ويتوسل بكلمات غير مفهومة .. وهم لا يرحمونه ..
وما هي إلا لحظات حتى غرق في الزيت المغلي .. وغاب الجسد .. وانقطع الصوت .. وشمت الأم رائحة اللحم .. وعلت عظامه الصغيرة بيضاء فوق الزيت يفور بها ..تنظر الأم إلى عظامه .. وقد رحل عنها إلى دار أخرى ..
وهي تبكي .. وتتقطع لفراقه .. طالما ضمته إلى صدرها .. وأرضعته من ثديها .. طالما سهرت لسهره .. وبكت لبكائه ..
كم ليلة بات في حجرها .. ولعب بشعرها .. كم قربت منه ألعابه .. وألبسته ثيابه ..
فجاهدت نفسها أن تتجلد وتتماسك ..فالتفتوا إليها .. وتدافعوا عليها ..
الطفل الرضيع ..
وانتزعوا الخامس الرضيع من بين يديها .. وكان قد التقم ثديها ..
فلما انتزع منها .. صرخ الصغير .. وبكت المسكينة .. فلما رأى الله تعالى ذلها وانكسارها وفجيعتها بولدها .. أنطق الصبي في مهده وقال لها :
يا أماه اصبري فإنك على الحق ..ثم انقطع صوته عنها .. وغيِّب في القدر مع إخوته .. ألقي في الزيت .. وفي فمه بقايا من حليبها ..
وفي يده شعرة من شعرها .. وعلى أثوابه بقية من دمعها ..
وذهب الأولاد الخمسة .. وهاهي عظامهم يلوح بها القدر ..
ولحمهم يفور به الزيت .. تنظر المسكينة .. إلى هذه العظام الصغيرة ..
عظام من ؟ إنهم أولادها .. الذين طالما ملئوا عليها البيت ضحكاً وسروراً .. إنهم فلذات كبدها .. وعصارة قلبها .. الذين لما فارقوها .. كأن قلبها أخرج من صدرها .. طالما ركضوا إليها ..وارتموا بين يديها ..
وضمتهم إلى صدرها .. وألبستهم ثيابهم بيدها .. ومسحت دموعهم بأصابعها .. ثم هاهم ينتزعون من بين يديها .. ويقتلون أمام ناظريها ..
وتركوها وحيدة وتولوا عنها .. وعن قريب ستكون معهم ..
كانت تستطيع أن تحول بينهم وبين هذا العذاب .. بكلمة كفر تسمعها لفرعون .. لكنها علمت أن ما عند الله خير وأبقى ..
ثم .. لما لم يبق إلا هي .. أقبلوا إليها كالكلاب الضارية .. ودفعوها إلى القدر .. فلما حملوها ليقذفوها في الزيت .. نظرت إلى عظام أولادها .. فتذكرت اجتماعهم معهم في الحياة .. فالتفتت إلى فرعون وقالت : لي إليك حاجة .. فصاح بها وقال : ما حاجتك ؟ فقالت : أن تجمع عظامي وعظام أولادي فتدفنها في قبر واحد .. ثم أغمضت عينيها .. وألقيت في القدر .. واحترق جسدها .. وطفت عظامها ..
فلله درها ..
ما أعظم ثباتها .. وأكثر ثوابها ..
ولقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء شيئاً من نعيمها .. فحدّث به أصحابه وقال لهم فيما رواه البيهقي : ( لما أسري بي مرت بي رائحة طيبة .. فقلت: ما هذه الرائحة ؟ فقيل لي : هذه ماشطة بنت فرعون وأولادُها .. ) ..
الله أكبر تعبت قليلاً .. لكنها استراحت كثيراً ..مضت هذه المرأة المؤمنة إلى خالقها .. وجاورت ربها ..
ويرجى أن تكون اليوم في جنات ونهر .. ومقعد صدق عند مليك مقتدر .. وهي اليوم أحسن منها في الدنيا حالاً .. وأكثر نعيماً وجمالاً ..
وعند البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لو أن امرأة من أهل الجنة اطلعت إلى أهل الأرض لأضاءت ما بينهما ولملأته ريحاً .. ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها ..
وروى مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال : من دخل الجنة ينعم لا يبؤس ، لا تبلى ثيابه ، ولا يفنى شبابه . وله في الجنة ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ..ومن دخل إلى الجنة نسي عذاب الدنيا ..
ولكن لن يصل أحد إلى الجنة إلا بمقاومة شهواته .. فلقد حفت الجنة بالمكاره .. وحفت النار بالشهوات .. فاتباع الشهوات في اللباس .. والطعام .. والشراب .. والأسواق .. طريق إلى النار .. قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين : ( حفت الجنة بالمكاره .. وحفت النار بالشهوات ) ..
فاتعبي اليوم وتصبَّري .. لترتاحي غداً ..
فإنه يقال لأهل الجنة يوم القيامة : " سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار " ..
أما أهل النار فيقال لهم : " أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها فاليوم تجزون عذاب الهون "
الأربعاء، 17 فبراير 2010
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
أرشيف المدونة الإلكترونية
-
▼
2010
(459)
-
▼
فبراير
(120)
- العنب وفوائده للصحة
- بحث علمي عن ضحايا الطلاق
- لو كشفت نساء السعودية وجوههن ستجد اقمارا تتلألأ عل...
- سعودية "مهاجرة" تعمل راقصة في ملهى بسبب "أوضاعها ا...
- لماذا يضاف الى القهوه العربيه
- حبوب لمنع النساء من التسوق
- كيف نبيع الذهب القديم معلومه هامة للنساء المسلمات
- قصة الكروسان
- كيف تجعل اولادك يصلون
- شعر قوي
- قصة اللون الابيض لفستان الزفاف
- لا تضيع حياتك
- خط اليد يكشف الشخصية
- تعرفي على نفسك من أسلوب تحيتك
- علم الفراسة:معنى الابتسامة
- كيف تصبح سعيداً وتسعد من حولك
- مخاطر المشي على السراميك
- دموع الندم
- طالب يتحدى معلمه
- حمار واحد ل 4 آلاف نسمة!.. أين العدل؟
- كيف تنظم وقتك
- Quotations From Wise Men
- اصدقاء هذا الزمان
- نبذه تاريخيه عن قبيلة السرحان
- الغدر
- الابتسامة
- بعض فوائد الرمان
- وظائف الدم
- زكريا وابنه يحيى عليهما السلام
- كيف تعرف لغة الجسد
- شاهد بر الوالدين
- كيف تتغلب على غضبك
- نصائح تجربة الحب من طرف واحد
- هل تعلمى ما معنى الحب
- حوار* بين* قلبين
- دع زوجتك تعلم بحبك
- العلاج عن طريق سم النحل
- المواد البلاستيكية خطر على الاطفال
- الحديث الأول : الأعمال بالنيات
- علو في الحياة وفى الممات
- وسائل تقوية الذاكرة
- برنامج يعين على نجاح الزواج !
- وفاة الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور
- هل يمكن للطعام مقاومة الزكام ؟
- كُـــن فاصلة ولا تكُــن نقطة....
- حركات لا ارادية نقوم بها,, لها معاني نفسية
- رائحة جميلة كلما تفتحين الثلاجة
- الزعفران .. أغلى أنواع التوابل في العالم و سعره مث...
- الأنوثه فــن
- صفة يحبها الرجل في زوجته
- الشبه بين المرأة و الكرة الأرضية
- قصه مؤثره جدا
- اجمل الصفات
- ????
- دعاء مكتوب على حيطان الجنة
- الوداع
- فــن الانوثه
- قصة ماشطة ابنة فرعون
- اسماء السموات السبع
- الــــ عــــــنف الأســـــــــري .. موضوع يهمكم كـ...
- الصمت
- من المستحيل ارضاء المرأة
- النحل
- أسباب عديدة تجعل من الصعب التخلص من الوزن الزائد ف...
- أقوال حكيمة
- ''الميوباتي'' مرض وراثي ناجم عن زواج الأقارب
- نــــــــــــــــعم أنت لؤلؤة
- الصبر دليل على عظمة الإرادة
- الأم ماتت والقصيدة سلمها الدكتور للولد
- طريقــــــــــــــك إلى النجــــــــــــــــــــــ...
- كلمات تجعلك تبتسم
- أربعة أشياءلايمكن استرجااعهااااااا
- الشمر - الشومر
- الميرمية
- كيف نساعد الاطفال على تقوية الذاكرة والتذكر
- لماذا يفتتح الأذان بعبارة الله أكبر
- انواع الحب
- لماذا نقرأ سورة الكهف كل جمعة؟
- طائر غريب يلحق جنازة رجل سعودي لمدة 350 كيلو متر
- العصب السابع .. مسبب الشلل النصفى للوجه
- الرجل الذي لن تنساه المرأة
- السبحة المصنوعة من التربة الحسينية
- فوائد صلاه الفجر ..
- عجائب خلق البعوضة...
- عُمـان تغـرد خـارج سـرب سـياحـة الخليـج
- من عجائب مكة المكرمة والكعبة الشريفة .....
- أنواع الدموع بالصور ..
- اهــــــــــل الحـــكــــمـــه...
- نساء ذكرن في القرأن
- مراحل تحلل الانسان في القبر...
- تعرف على عالم النمل بالصور...
- لماذا الأبتسامة صدقة ؟؟؟؟؟؟
- الحب دافع نحو الحياة
- صحة حديث الرسول(ص) في انواع عذاب النساء يوم القيام...
- عندما تبكي الزهور
- الحب الحقيقي
- كن صديقي !!!
- هل الحب الثانى يمحى الحب الاول
- عروس تخبئ ذهبها في دجاجه مجمده !!
- متى تشرب الماء؟
-
▼
فبراير
(120)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق