السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد للّه وحده وصلى اللّه وسلم على محمد وآله وصحبه، وبعد...
الحمد لله أن رزقنا الصلاة وجعلها عماد الدين وشرفنا بالسجود بين يديه، ولم يجعل عبوديتنا لغيره سبحانه وتعالى، وقد نبهنا عليه الصلاة والسلام لأهمية هذا اللقاء الإلاهي وعظيم آأثره على حياة العبد، وضرورة الاستعداد التام لأدائه على أفضل حال، وما لذلك من الأجر العظيم والخير الكبير للعبد في دنياه وآخرته.
(1)
التبكير للمسجد
فعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَوْ يَعْلَمُ النّاسُ مَا فِي النّدَاءِ وَالصّفّ الأَوّل، ثُمّ لَمْ يَجِدُوا إِلاّ أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاَسْتَهَمُوا. وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التّهْجِيرِ لاَسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصّبْحِ، لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْواً". رواه مسلم
صلى الله عليه وسلم.. ترغيب مابعده ترغيب، والعاقل من يفكر بنفسه ويعد للقاء ربه العدة، فلو علمت الناس عظيم الأجر لاقترعت على تحصيل هذه الفضيلة لو لم تكن متاحة للجميع..
والتهجير: التبكير إلى الصلاة أيّ صلاة كانت. وقوله صلى الله عليه وسلم: (ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبواً) فيه الحث العظيم على حضور جماعة هاتين الصلاتين، والفضل الكثير في ذلك، لما فيهما من المشقة على النفس من تنغيص أول نومها وآخره، ولهذا كانتا أثقل الصلاة على المنافقين.
وللأسف فقد اعتاد أغلب المصلين في هذه الأزمنة التأخر عن المساجد فلا يحضرون غالباً إلا عند الإقامة أو بعدها و كثيراً ما تفوتهم الصلاة أو جزء منها و قد تقام الصلاة و ليس في بعض المساجد سوى عدد قليل كأربعة أو خمسة ثم يتوافدون بعد الإقامة فتراهم عدة صفوف رغم انتظارهم بعد الأذان بربع ساعة أو أكثر وهذا التأخر يفوت عليهم من الخيراًالكثيراً.
أولاً: في التبكير استعداد نفسي لاستقبال الصلاة وسماع الأذان والخشوع فيها، وبعدمه ترك للسكينة و الوقار فقد روى أبو هريرة أن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: {إذا سمعتم الإقامة فامشوا وعليكم السكينة والوقار ولا تسرعوا} [متفق عليه]. وبالسعي الذي يفعله الكثيرون يفوتهم السكينة و الوقار..
ثانيا: في التبكير للصلاة والمكث في المسجد وانتظار الأذان أجر كأجر الصلاة، فمن كان في انتظار الصلاة فهو في صلاة. وبالتأخير فوات استغفار الملائكة لمن ينتظر الصلاة في المسجد قبل الإقامة، وكونه في حكم المصلي، فعن أبي هريرة رضي اللَّه عنه، عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم كما في البخاري: {فإن أحدكم إذا تؤصأ فأحسن وأتى المسجد لا يريد إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعه اللَّه درجة وحط عنه خطيئة، وإذا دخل المسجد كان في صلاة ما كانت تحبسه، وتصلي عليه الملائكة ما دام في مجلسه الذي يصلي فيه: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، ما لم يؤذ أو يحدث فيه، تقول اللهم اغفر له، اللهم ارحمه}، وفي رواية: {لا يزال أحدكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا في الصلاة}.
ثالثا: انتظار الصلاة كالرباط وفيها رفعة للدرجات ومحو للخطايا فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: «ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله! قال: إسباغ الوضوء على المكاره. وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط». الصفحة أو الرقم: 251.
رابعا: في التأخر فوات الصف الأول غالباً مع مافيه من الفضل فقد قال النبي صلى اللَّه عليه وسلم: {لو يعلم الناس ما في النداء و الصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا، ولو يعلمون ما في التهجير - أي التبكير - لاستبقوا إليه} [متفق عليه].
ومن يدرك الصف الأول يدخل في وصف خيرة الرجال كما ورد في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضية الله تعالى عنه: «خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها» الصفحة أو الرقم: 440.
خامسا: في التأخر غالباً فوات تكبيرة الإحرام وهي أفضل التكبيرات، فقد روى البزار كما في الكشف برقم (521) عن أبي الدرداء قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: {إن لكل شيء أنفة وإن أنفة الصلاة التكبيرة الأولى فحافظوا عليها}، ثم روى عن أبي هريرة رضي اللّه عنه مرفوعاً: {لكل شيء صفوة وصفوة الصلاة التكبيرة الأولى}.
سادسا: التأخر يفوت السنن الراتبة القبلية كسنة الفجر، وقد روى مسلم عن عائشة رضي اللّه عنها، أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: {ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها}، وروى أبو داود مرفوعاً: {لا تدعوهما ولو طردتكم الخيل}، وكان النبي صلى اللّه عليه وسلم يصلي قبل الظهر ركعتين، وأحياناً أربع ركعات، كما رواه الترمذي عن علي وعائشة، وروى أهل السنن عن أم حبيبة مرفوعاً: {من صلى قبل الظهر أربعاً وبعدها أربعاً حرمه الّله على النار}، وعن ابن عمر مرفوعاً: {رحم اللّه امرءاً صلى قبل العصر أربعاً} [رواه أبو داود والترمذي بإسناد حسن].
سابعا: بالتأخير يفوت وقت إجابة الدعاء، وهو ما بين الأذان والإقامة، فقد روى أبو داود والترمذي وحسنه، أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: {الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة}.ثامنا: كثيراً ما يفوت المتأخر متابعة المؤذن والمقيم، والدعاء بعد الأذان، فإن متابعة المؤذن بالذكر مع الإخلاص سبب لدخول الجنة، كما رواه مسلم عن عمر رضي اللّه عنه، وروى البخاري عن جابر أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال حين يسمع النداء: {اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة}.
تاسعا: هذا التأخر قد يفوت إدراك صلاة الجماعة، وصلاة الجماعة تفضل على صلاة المنفرد بسبع وعشرين درجة. فقد روى الشيخان عن ابن عمر رضي اللّه عنهما، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: {صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة} [وهذا لفظ مسلم].
عاشرا: بالتأخر قد يفوت إدراك ميمنة الصف، لما ثبت عن النبي صلى اللّه عليه وسلم، فضل الصلاة على يمين الصف. فعن عائشة رضي اللّه عنها قالت: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: {إن اللّه و ملائكته يصلون على ميامن الصفوف} [رواه أبو داود وابن ماجه].
الحادي عشر: و مما يفوت المتأخر عن الصلاة التأمين وراء الإمام في الصلاة الجهرية، فقد روى الشيخان عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: {ذا قال أحدكم آمين، وقالت الملائكة في السماء آمين، فوافقت إحداها الأخرى غفر له ما تقدم من ذنبه}، وهذا لا شك فضل عظيم وخير كثير، يدفع العبد إلى التبكير إلى الصلوات حتى لا يفوته هذا التأمين.
الثاني عشر: التبكير دليل على تعلق القلب بالمساجد وبالتالي الدخول في السبعة الذين يظلهم الله يوم لا ظل إلاّ ظله كما ورد في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه "سبعة يظلهم الله يوم القيامة في ظله يوم لا ظل إلاّ ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل ذكر الله في خلاء ففاضت عيناه، ورجل قلبه معلق في المسجد، ورجلان تحابا في الله، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال إلى نفسها فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما صنعت يمينه" الصفحة أو الرقم: 6806.
ولا شك أن الذين يتأخرون حتى يسمعوا الإقامة أغلبهم ليس لهم شغل شاغل سوى القيل والقال، واللهو واللعب، ومشاهدة الأفلام، أو جلوس بدون عمل، ونحو ذلك مما هو إضاعة للوقت أو اكتساب لمعصية، ولو أن الإنسان عود نفسه على التقدم مرة بعد مرة لسهل عليه الأمر وأصبح محبوباً عند نفسه، يلتذ بجلوسه في المسجد أتم من لذته مع أهله وولده، فلنحرص على التقدم حتى لا نكون ممن قال فيهم النبي صلى اللّه عليه و سلم: {لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم اللّه} [رواه مسلم].
فصار من الضرورة توجيه الكلام لرواد الجماعات والمساجد وحثهم على حضورها في وقتها، كما نوجه لمن لا يقيمون صلاة الجماعة وحثهم عليها...
دقائق قليلات تحوي أجور عظيمات فلا تضيعوها ولا تعطوا للشيطان بابا ليسوق لكم الحجج والاعتذارات.
فإن وضعت ضمن اهتمامك ترديد الأذان خلف المؤذن وصلاة تحية المسجد وفضلها وصلاة ما بين الأذان والإقامة وفضلها، والدعاء بين الأذان والإقامة وفضله لما تركت التبكير إلى
الصلوات أبدا، أسأل الله تعالى أن نكون جميعا منهم.
حكى سعيد بن المسيب عن نفسه أنّه ما أذن المؤذن أربعين سنة إلاّ وهو في المسجد!!!
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
أرشيف المدونة الإلكترونية
-
▼
2010
(459)
-
▼
مارس
(154)
- القناع
- غرائب وعجائب النساء
- أوراق خريف تدعو للتفاؤل
- تعلموا كيف تعاملون زوجاتكم
- احتضان الطفل يزيد من ذكائه ونموه الطبيعي
- مكانه اليتيم فى القران الكريم
- الحناء تجميل وشفاء
- قصة طفلة ارسلت رسالة الى الله .. انظروا ماذا كتبت
- أُمِّي
- عقوبة الكذب عند النمل
- قصة النخلة
- قصة المرأة الحكيمة
- طفلة رأت الملائكة (قصة محزنة)
- اجمل 23 كلمة
- كلمات لها واقع
- عذاب النساء يوم القيامة
- اهم مضايق العالم
- سقوط الأباء من اعين الأبناء
- احترم نفسك
- حوار مع متزوج
- أمير أحلامي
- هل أنت زوجة شكاكة
- جمالك بدون ماكياج ووووسائل للتجميل في مطبخك
- الســـذاب
- زيــــــــــت الــــزيـــــتــــون
- إشـــــغـــــل وقـــــــتـــــك بالــــخـــيـــر (...
- عندمآ تألمت من حيآتي تعلمت
- أقسام الناس في قبورهم
- الإبتسامة دمعتك عند الحاجة
- طفل ينقذ جده بذكائه
- فتاة بعمر الزهور
- كــوني ذات حــدود ولا تــكــوني بــلا قــيــود
- الزيتون
- تأملات فى إبتسامة سليمان عليه السلام
- خطورة رش العطر على الرقبة
- ثلاثين دعاء لثلاثين يوماً من رمضان
- لتثبيت العطر بالملابس
- التباعد العاطفى بين الابناء للاباء
- سبع قواعدلوقاية الطفل من الوقوع في شرك الغيرة
- هل تعرفن معنى الثقة بالنفس
- هل تعرفن معنى الثقة بالنفس
- أناس تصلي عليهم الملائكه ..هل تعرفهم
- لاكتشاف الصديق الحقيقي
- التفكير قبل النوم ......خطيرجدآ
- معلومات عن انواع العطور
- النوم على البطن يعزز من خطر الإصابة بحصوات الكلى
- قامـوس في ♥ العشـــق ♥ بجميع الاحرف
- أدمان الحب وأنواع مختلفة للحب وعلاجـــه
- أجمل هدية للأم شفها بنفسك ... الله لا يحرمنا منها
- هل تعلم ما هو اكثر شئ مدهش في البشر ؟
- 00000
- توقيع
- كم هو مضحك ومبكي
- حوار بين الحب و الحزن
- أربعُ تقنيات نفسية فعالة قلم الدكتور طارق سويدان ....
- الحب
- هل تعلم متى يبكي الشيطان
- البيت المسلم : بيتنا مسجد
- من عجائب سورة مريم
- اكتشف شخصيتك من الصورة
- رآئحــه التفــاح
- تعلمـي فن إيـقاظ طفـلك للمـدرســـة
- فوائد الفيشار
- وصفات كثيرة لمنع تساقط الشعر
- الاعجاز في حذف بعض الاحرف من بعض كلمات القرآن الكريم
- ناموس الكون
- تحذير المساجد من أخطاءالعبادات والعقائد
- هل رايتي الجنة
- رسالة أب لابنته ليلة الزفاف.. مؤثرة جدا
- قصه بنت فى الثانويه مؤثره جدا لمن يعتبر
- قلم رصاص
- اقف ........ابتسم
- اعرف نفسك من فصيلة دمك
- فوائد الملح للبشرة
- عشرة اشياء لن يسألك الله عنها
- صحتك فى يدك
- مادا يحدث للجسم فى الايام الاولى فى القبر
- تعرفي على طاقة الشفاء الموجودة في أسماء الله الحسنى
- حينمآ يخيم اللون الأسود على حيآتنآ
- من هو ملك الموت عليه السلام
- عبرة في قصة سيدنا موسى عليه السلام والعبد الصالح
- فائده ماء الزعتر
- القيادة فطرة أم اكتساب
- الفتاه السعودية هى الوحيدة فى العالم
- لربات البيوت
- تعلم كيف تخدع عقلك
- كيف تطيل عمرك
- كيف يؤثر الطقس على أجسامنا
- كيف تنام؟؟ اعرف نفسك من خلال نومك
- الطيور المهاجرة ورحلة تمتد الاف الاميال
- إعجاز رباني في شكل الفاكهة
- فوائد شرب الماء
- عجائب لفظ الجلالة الله
- فوائد التمر
- ما هي مخاطر نبييض الاسنان
- تمارين للعين اثناء الجلوس امام الكمبيوتر
- احذروا الماء الساخن في الشتاء
- بالدلائل تأخير الغسل من الجنابة من اسباب الآم الظهر
- كيف تعرف أن هالفيتامين ينقصك وأنت بحاجة إليه
- عوآقب شرب الماء بعد تنآول البنآدول
-
▼
مارس
(154)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق